إلى من فقد عزيزاً أو صديقاً، إلى من فقد زوجاً أو حبيباً، إلى من فقد أبوه أو أخوه أو أمه، إلى من فقد إنسان قد اجتاح حياته وملأ فراغاً في نفسه وأخذ من وقته وفكره لا وبل غزا قلبه...
كيفما خسرته سواءً برجعة أو بلا رجعة، سواءً انسحب من حياتك، أو انتقل إلى رحمة ربه. مهما كان تأثير تلك المساحة التي تركت، مهما حزنت وتألمت و مهما كان الجرح عميقا، فلا يجوز أن تعيش على الأطلال أكثر أو تندب حظك أكثر أو تستمر بالتذكر والتحسر، عليك أن تختم أحزانك وتقف من جديد، فما عاد يهم لقد حصل وانتهى، لقد رحل وما باليد حيلة حتى لو عاد بنا الزمن، لا يهم ولكن ماالذي يهم؟
لقد تحسرت بعد أن فقدته، وشعرت بالأسى لوداعه والحزن الذي تحويه بصدرك كبّرك مئة عام وجعلك تهرم بالصغر، وما عادت كلمة لو تنفعك...كنت ستفقده مهما فعلت، ذلك ما يسمى القدر، لقد كتب قبل ولادتك ولا شيء يغيره،نعم لقد رفعت الأقلام وجفت الصحف...
هل فكرت أن جفاه أفضل لك وأرحم؟؟!
هل أنت أرحم من ربك على نفسك؟ لا، هل هناك حكمة من كل هذا العذاب و الألم؟ نعم.
هل فكرت أن هذه التجارب هي التي تبني فينا انسان أقوى؟ ان الله يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا وهو الأدرى بنا والأعلم من أنفسنا..
جميعنا (كمسلمين) نعلم أن القدر لا يتغير مهما كان (هناك حالات خاصة واستثنائية ومعجزات سمعنا أو قرأنا عنها ولكنها خارج موضوعي لا تحاولوا حتى أن تفكروا بها)، قد يلطف الدعاء القدر هذا أصلا اذا لم يكن القدر لطيفا عليك!!!
(المؤمن) الراضي وهو أسعد خلق الله ليس لأنه معصوم من الأحزان بل هو أكثر خلق الله موضوع في دائرة البلاء، ولكن لأنه يعلم أن القدر دائما إلى جانبه وبصالحه، فهو ينظر اليه بمنظور آخر..
فلننظر إلى مبتلانا كما ينظر المؤمن إلى مبتلاه، فإن عينه تزين قساوة الحياة ومرارتها فينظر إلى أجمل وأحلى ما في مصيبته، فيرى أن في وحدته وقتا للتعبد أكثر، ومن فقره زهدا في الحياة وتقربا من الرحمن، المصيبة تؤلم قلبه ولكن لا يتلفظ لسانه إلا بالذكر، ولا أحد يحب البلاء لنفسه ولكن علينا ألا ننحني الى مصيبتنا وأن لا ندعها تتمكن منا فنيأس ونقنط، بل تقوينا وتشحننا لنكمل رسالتنا التي خلقنا لتأديتها. كل مصيبة فيها حكمة وفائدة وكل بلاء من وراءه غفران وتوبة، فلننظرها بأعين إيجابية إذاً ولنتفكر بعمق في خلوتنا لنستفيد منها، فقد تكون من وراءها هداية..
اذاً فلينظر كل منا إلى مبتلاه، هذا العزيز الذي خسرته لو بقي معك ومازال بجانبك هل كانت حياتك لتكون أفضل أم كانت لتكون أسوأ؟ بعضنا سيرى أن حياته ما كانت لتتغير إلى الأفضل أو إلى الأسوأ ولكن هل تستطيع أن تضمن أنه سيبقى هو كما هو؟! الشخص الذي عرفته، وكان جزءاً في حياتك، لا أحد يعلم ما هو الأفضل لك ولكن الله يعلم..أن تتألم وتحتفظ بذكرى جميلة عبقة خير من أن تصدم ولا تعيش كما كنت تأمل مع من تحب بوجوده فصدقوني ذلك مؤلم أكثر
ثقوا بالله واصبروا فإن الله مع الصابرين